من تبصرة مَعَ مَا فِيهَا من مقادرير النعم وتصاريف النقم

وَوجه آخر من امتنان الله تَعَالَى على عباده كَقَوْلِه للثقلين {يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار ونحاس فَلَا تنتصران} ثمَّ قَالَ على صلَة الْكَلَام {فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} لَا يُرِيد أَن إحراق الله العَبْد بالنَّار من آلائه ونعمائه وَلكنه أَرَادَ الْوَعيد الصَّادِق وَإِذا كَانَ فى غَايَة الزّجر عَمَّا يطغيه ويرديه فَهُوَ من النعم السابغة والآلاء الْعِظَام

945 - (نَار الْقرى) هى مَذْكُورَة على الْحَقِيقَة لَا على الْمثل وهى من أعظم مفاخر الْعَرَب وأشرف مآثرها وهى النَّار الَّتِى كَانَت ترفع للسَّفر وَلمن يلْتَمس الْقرى فَكلما كَانَ موضعهَا أرفع كَانَت أَفْخَر والأشعار فِيهَا كثيرا وَمن أحْسنهَا قَول الْأَعْشَى

(لعمرى لقد لاحت عُيُون كَثِيرَة ... إِلَى ضوء نَار فى يفاع تحرق)

(فشبت لمقرورين يصطليانها ... وَبَات على النَّار الندى والمحلق) والمحلق هُوَ الذى مدحه

قَالَ الجاحظ وَأحسن من هَذَا الشّعْر فى هَذَا الْمَعْنى من كل شعر فى مَعْنَاهُ قَول الحطيئة

(مَتى تأته تعشو إِلَى ضوء ناره ... تَجِد خير نَار عِنْدهَا خير موقد)

قَالَ وَمَا ينبغى أَن يمدح بِهَذَا الْبَيْت إِلَّا خير أهل الأَرْض وَأنْشد عمر رضى الله عَنهُ هَذَا الْبَيْت فَقَالَ هَذَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015