قَالَ الجاحظ إِن أَحْسَنت الْأَوَائِل فى ذكر نسر لُقْمَان فقد أحسن بعض الْمُحدثين وَهُوَ الخزرجى وَذكره وَضرب الْمثل بِهِ وبصحة بدن الْغُرَاب حِين ذكر طول عمر معَاذ بن مُسلم بن رَجَاء مولى الْقَعْقَاع بن شور وَكَانَ من المعمرين طعن فى السن مائَة وَعشْرين سنة وَهُوَ قَوْله
(إِن معَاذ بن مُسلم رجل ... لَيْسَ لميقات عمره أمد)
(قد شَاب رَأس الزَّمَان واكتهل الدَّهْر ... وأثواب عمره جدد)
(قل لِمعَاذ إِذا مَرَرْت بِهِ ... قد ضج من طول عمرك الْأَبَد)
(يَا نسر لُقْمَان كم تعيش وَكم ... تخلق ثوب الْحَيَاة يالبد)
(قد أَصبَحت دَار دارم خاوية ... وَأَنت فِيهَا كَأَنَّك الوتد)
(تسْأَل غربانها إِذا نعقت ... كَيفَ يكون الصداع والرمد)
(مصححا كالظليم ترفل فى ... برديك مِنْك الجبين يتقد)
(صاحبت نوحًا ورضت بغلة ذى ... القرنين شَيخا لولدك الْوَلَد)
(مَا قصر الْمجد يَا معَاذ وَلَا ... زحزح مِنْك الثراء وَالْعدَد)
(فاشخص وَدعنَا فَإِن غايتك الْمَوْت ... وَإِن شدّ ركنك الْجلد)
وَقد أحسن ابْن طَبَاطَبَا فى قَوْله
(بأبى الذى أَنا فى لذاذة عمره ... مستقرض أَعمار سَبْعَة أنسر)