ركُوب الْحمير على البراذين ويجعلان حمَار أَبى سيارة قدوة لَهما
فَأَما الْفضل فَإِنَّهُ سُئِلَ عَن ركُوب الْحمار فَقَالَ لِأَنَّهُ أقل الدَّوَابّ مئونة وأكثرها مَعُونَة وأسهلها جماحا وصرعا وأخفضها مهوى وأقربها مرتقى يزهى رَاكِبه وَقد تواضع بركوبه ويدعى مقتصدا وَقد اسرف فى ثمنه وَلَو شَاءَ أَبُو سيارة أَن يركب جملا مهريا اَوْ فرسا عَرَبيا لفعل وَلكنه امتطى عيرًا أَرْبَعِينَ سنة
فَأَما خَالِد فَإِن بعض أَشْرَاف الْبَصْرَة لقِيه فَرَآهُ على حمَار فَقَالَ مَا هَذَا الْمركب فَقَالَ عير من أصل الكدار أصحر السربال محملج القوائم مفتول الأجلاد يحمل الرحلة ويبلغ الْعقبَة ويقل داؤه ويخف دواؤه ويمنعنى ان أكون جبارا فى الأَرْض أَو أكون من المفسدين وَلَوْلَا مَا فى الْحمار من الْمَنْفَعَة لما امتطى أَبُو سيارة عيره أَرْبَعِينَ سنة
فَسمع كَلَامه أعرابى فعارضه بِأَن قَالَ الْحمار إِذا أوقفته أدلى وَإِن تركته ولى كثير الروث قَلِيل الْغَوْث سريع إِلَى القرارة بطئ إِلَى الْغَارة لَا ترقأ بِهِ الدِّمَاء وَلَا تمهر بِهِ النِّسَاء وَلَا يحلب فى الْإِنَاء
568 - (أَسْنَان الْحمار) يضْرب بهَا الْمثل فى التَّمَاثُل والتساوى وَمن أَمْثَال الْعَرَب سواسية كأسنان الْحمار
يُقَال هُوَ سيك بتَشْديد الْيَاء أى هُوَ مثلك وهما سَوَاء وسواسية وسواس إِذا كَانَا متساويين قَالَ بَعضهم لَا تكون السواسية إِلَّا فى الشَّرّ قَالَ ابْن أَحْمَر
(سواس كأسنان الْحمار فَلَا ترى ... لذى شيبَة مِنْهُم على نَاشِئ فضلا)