أَن أَكثر مَا تَلد الْأُمَّهَات الْإِنَاث وَكَذَلِكَ النَّاس وَجَمِيع الْحَيَوَانَات فَإِذا أردْت أَن تعرف حق ذَلِك من باطله فأحص سكان عشر دور من يَمِينك وَعشر من شمالك وَعشر من خَلفك وَعشر من أمامك فَأنْظر أَيهَا أَكثر رِجَالهمْ أَو نِسَاؤُهُم وَاعْتبر ذَلِك فى الْإِبِل وَالْبَقر والشياه وَالْعرب تكره الْأَذْكَار لِأَن الهجمة يكفيها فَحل أَو فحلان والناقة تقوم مقَام الْجمل والجمل لَا يسقى اللَّبن وَإِذا احْتِيجَ مِنْهُ إِلَى لحم اَوْ سفر كَانَا سَوَاء وَكَذَلِكَ الحجور فى المروج وعانات الْحمير فى الفيافى لَيْسَ فى كل عانة إِلَّا فَحل وَاحِد وَكَذَلِكَ الدَّجَاج إِنَّمَا فِيهَا ديك وَاحِد وَالأُم وَالْخَال عِنْد الْعَرَب أنزع وَأَشد جذبا للْوَلَد لِأَن الْأُم وَالْأَب قد يستويان فى وُجُوه ثمَّ تفضل الْأُم الْأَب فى وُجُوه بعد ذَلِك لِأَن الْوَلَد لَيْسَ يخلق من مَاء الْأَب دون مَاء الْأُم قَالَ تَعَالَى {خلق من مَاء دافق يخرج من بَين الصلب والترائب} وَالْأَب إِنَّمَا يقذف مثل المخطة أَو البصقة ثمَّ يعتزل أَو يغيب أَو يَمُوت أَو يكون حَاضرا وَالأُم مِنْهَا الرَّحِم وَهُوَ القالب الذى ينطبع عَلَيْهِ الْوَلَد وتفرغ فِيهِ النُّطْفَة كَمَا يفرغ الرصاص الْمُذَاب فى القالب فَإِذا وَقع مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة فى القالب وفى قَرَار الرَّحِم فامتزجا تشعب خلق الْوَلَد على قدر تشعب الرَّحِم ثمَّ لَا يغتذى إِلَّا من دم الْأُم وَلَا يمتص إِلَّا من قواها وَلَا يجذب إِلَّا من الْأَجْزَاء الَّتِى فِيهَا لطائف الأغذية وَله ذَلِك مَا دَامَ فى جوفها فَإِذا ظهر غذته بلبنها وَلَا يشك الْأَطِبَّاء أَن اللَّبن دم اسْتَحَالَ عِنْد خُرُوجه فهى تغذوه بدمها مرَّتَيْنِ وتزيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015