ملكه وافتخر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالَ ولدت فى زمن الْملك الْعَادِل فَأَما سَائِر الأكاسرة فَإِنَّهُم كَانُوا ظلمَة فجرة يستعبدون الْأَحْرَار ويجرون الرعايا مجْرى الأجراء وَالْعَبِيد وَالْإِمَاء فَلَا يُقِيمُونَ لَهُم وزنا ويستأثرون عَلَيْهِم حَتَّى بأطيب الطَّعَام وَالثيَاب الْحَسَنَة والمراكب وَالنِّسَاء الحسان والدور السّريَّة ومحاسن الْآدَاب فَلَا يجترى أحد من الرعايا أَن يطْبخ سكباجا أَو يلبس ديباجا أَو يركب هملاجا أَو ينْكح امْرَأَة حسناء أَو يبْنى دَارا قوراء أَو يُؤَدب وَلَده أَو يمد إِلَى مُرُوءَة يَده وَكَانُوا يبنون أُمُورهم على معنى قَول عَمْرو بن مسْعدَة لِلْمَأْمُونِ
(ملك مَا يصلح للْمولى ... على العَبْد حرَام)
إِلَّا أَنهم كَانُوا يحبونَ الْعِمَارَة أَشد الْحبّ ويرونها قوام الدّين وَالْملك وَلَا يقارون أحدا على الْإِخْلَال بهَا وَالتَّقْصِير فِيهَا ويروى أَن بعض الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام قَالَ يَا رب لم آتيت الأكاسرة مَا آتيتهم فَأوحى إِلَيْهِ لأَنهم عمروا بلادى حَتَّى عَاشَ فِيهَا عبادى وَمن كَلَام أنو شرْوَان الدَّال على مَا وَرَاءه كل النَّاس أحقاء بِالسُّجُود لله تَعَالَى وأحقهم بذلك من رَفعه الله تَعَالَى عَن السُّجُود لأحد من خلقه وَقَوله إِن الْملك إِذا كثرت أَمْوَاله مِمَّا يَأْخُذ من رَعيته كَانَ كمن يعمر سطح بَيته بِمَا يقتلع من قَوَاعِد بُنْيَانه وَقَوله وجدنَا للعفو من اللَّذَّة مَا لم نجده للعقوبة وَقَوله الإنعام لقاح وَالشُّكْر نتاج
256 - (رمى بهْرَام) يضْرب بِهِ الْمثل لِأَنَّهُ لم يكن فى الْعَجم أرمى مِنْهُ وَهُوَ بهْرَام جور الْملك وَمن قصَّته المصورة فى الْقُصُور أَنه خرج ذَات يَوْم إِلَى الصَّيْد على جمل وَقد أرْدف جَارِيَة لَهُ يتعشقها فعرضت لَهُ ظباء