وحمدونة بنت الرشيد وعجائز الْخلَافَة فَمَا مس من حضر مِنْهُنَّ من الدُّرَر شَيْئا فَقَالَ الْمَأْمُون شرفن أَبَا مُحَمَّد وأكرمن بوران فمدت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ يَدهَا فَأخذت درة وَاحِدَة وبقى سَائِر الدّرّ يلوح على حَصِير الذَّهَب فَقَالَ الْمَأْمُون قَاتل الله الْحسن بن هانى كَأَنَّهُ قد رأى هَذَا حَيْثُ يَقُول
(كَأَن صغرى وكبرى من فواقعها ... حَصْبَاء در على أَرض من الذَّهَب)
وَكَانَت فى ذَلِك الْمجْلس شمعة عنبر فِيهَا مِائَتَا رَطْل فَضَجَّ الْمَأْمُون من دخانها فَعمِلت لَهُ على مثالات من الشمع فَكَانَ اللَّيْل مُدَّة مقَامه بِفَم الصُّلْح كالنهار وَلما كَانَت دَعْوَة القواد نثرت عَلَيْهِم رقاع فِيهَا أَسمَاء ضيَاع فَمن وَقعت فى يَده رقْعَة لضيعة أشهد الْحسن لَهُ بهَا
وَيُقَال إِنَّه أنْفق فى هَذِه الدعْوَة أَرْبَعَة آلَاف ألف دِينَار فَلَمَّا أَرَادَ الْمَأْمُون أَن يصعد أَمر لَهُ بِأَلف ألف دِينَار وأقطعه الصُّلْح وعاتبه على احتفاله واجتهاده وَحمله على نَفسه فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أتظن هَذَا من مَال سهل وَالله مَا هُوَ إِلَّا مَالك رد إِلَيْك وَأَرَدْت أَن يفضل الله أيامك ونكاحك كَمَا فضلك على جَمِيع خلقه
فَهَذِهِ دَعْوَة الْإِسْلَام الأولى
وَأما دَعْوَة الْإِسْلَام الثَّانِيَة فهى بيركوار لما أعذر المتَوَكل المعتز وَمن قصَّتهَا أَنه جلس بعد فرَاغ القواد والأكابر من الْأكل ومدت بَين يَدَيْهِ مرافع ذهب مرصعة بالجواهر وَعَلَيْهَا أَمْثِلَة من العنبر والند والمسك المعجون على جَمِيع الصُّور وَجعلت بساطا ممدودا وأحضر القواد والجلساء وَأَصْحَاب الْمَرَاتِب فَوضعت بَين أَيْديهم صوانى الذَّهَب مرصعة بأنواع الْجَوَاهِر من