مَا كَانَ يُؤثر عَن مُحَمَّد الْأمين من اسْتِخْدَام الخصيان والعبث بهم دون فحول الْولدَان

ويحكى أَن الْمَأْمُون نظر يَوْمًا إِلَى يحيى فى مَجْلِسه وَهُوَ يحد النّظر إِلَى ابْن أَخِيه الواثق وَهُوَ إِذْ ذَاك أَمْرَد تَأْكُله الْعين فَتَبَسَّمَ إِلَيْهِ وَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد حوالينا وَلَا علينا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الْكَلْب لَا يَأْكُل النَّار

وخلا بِهِ الْمَأْمُون لَيْلَة على المطايبة والمداعبة والمجاراة فى ميدان الغلمان ومترف غُلَام الْمَأْمُون يتسمع عَلَيْهِمَا وَهُوَ الذى حكى هَذِه الْقِصَّة عَنهُ قَالَ قَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَا أَبَا مُحَمَّد أخبرنى عَن أظرف غُلَام مر بك قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ احتكم إِلَى غُلَام فى نِهَايَة الملاحة والظرف واللباقة فَأَخَذته عينى وتعلقه قلبى فَلم أفضل الحكم بَينه وَبَين خَصمه إيثارا منى للقائه ومعاودته إياى فى حكومته فَدخل إِلَى على حِين غَفلَة وَمثله لَا يحجب عَنى فَلَمَّا وصل إِلَى قَالَ أَيهَا القاضى أعنى على خصمى فَقلت لَهُ وَمن يعيننى على عَيْنَيْك يَا بنى قَالَ شفتى وَأَدْنَاهَا منى فَلَمَّا شممت الْخمر من فِيهِ وفيته حدا من الْقبل وَقلت لَهُ يَا بنى مَا بَال شفتيك متشققتين فَقَالَ أحلى مَا يكون التِّين إِذا تشقق ثمَّ قلت لَهُ ويدى فى ثِيَابه يَا بنى مَا أنحفك فَقَالَ كلما دق قصب السكر كَانَ أحلى فَضَحِك الْمَأْمُون وَوَقع لَهُ بمائتى دِينَار وَقَالَ أوصلها إِلَيْهِ وَلَو على أَجْنِحَة الطير وَكَانَ إِذْ ذَاك قد التحى وَكَانَ يحيي يعرف منزله فامتثل أمره وأوصلها لَهُ

وَمِمَّا قيل فى يحيى

(وَكُنَّا نرجى أَن نرى الْعدْل ظَاهرا ... فأعقبنا بعد الرَّجَاء قنوط)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015