وإنّ كتب التاريخ التي تُقرأ اليوم كـ"البداية والنهاية" لابن كثير و"الكامل في التاريخ" لابن الأثير و"المنتظم" لابن الجوزي وغيرها كلها معتمدة على رواية (سيف بن عمر الضبّي) المذكورة في "تاريخ الطبري" وإنّ هؤلاء الذين يكثرون من تسطير أسماء كتب التاريخ في الحواشي بُغية إعطاء نوع من المصداقية لما ينقلونه من مطاعن في الصحابة يجهلون أو ربما يتجاهلون أنّ أغلب هذه الكتب إنما تنقل عن "تاريخ الطبري" اعتماداً على رواية سيف المشار إليها، ولهذا لا يصح أن يحتج محتج بما تضمنته تلك الرواية بحجة أنها مذكورة في الكتاب التاريخي الفلاني دون النظر إلى إسنادها وعرضها على مائدة النقد العلمي.
كيف والرواية انفرد بذكرها (سيف بن عمر الضبّي) وهو كذاب مشهور؟!
قال فيه أبو نعيم الأصبهاني: (متهم في دينه مرمي بالزندقة ساقط الحديث، لا شيء).
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي.
وقال الدارقطني: متروك الحديث، وفي قول آخر له: ضعيف، وقال النسائي: ضعيف.
وقال ابن عدي: (بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها)
أما الشيعة، فرأيهم في (سيف بن عمر) واضح وجلي لا يحتاج إلى إثبات.
فقد ألف مرتضى العسكري كتابه "عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى" اعتماداً على فكرة أساسية هي كون (سيف بن عمر الضبّي) وهو الراوي الوحيد لقصة ابن سبأ مطعون فيه عند
علماء الجرح والتعديل عند السنة والشيعة (?).