هذا في العشق، والخَطْبُ في العقائد أشد وأنكى، فإنّ المرء يرتبط بعقيدته ارتباطاً مصيرياً لا يكاد يُتصور في غيره، ولعل الحروب العقائدية بين أهل الملل والمساجلات الكلامية فيما بينهم خير شاهد على ذلك.

وحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي رواه أبو داود في "السنن": (حُبُّكَ للشيء يُعمي ويُصِمّ) (?) أحسن ما في هذا الباب، وفيه ما يفيد معنى زائداً على كلام الحكماء، فإنّ حب الشيء والتعلق به قد لا يعمي البصر فحسب بل يصمّ الآذان عن سماع عيوب المحبوب ولو نبهه إليها منبّه!

يقول أبو الطيب محمد شمس الحق في شرح الحديث: (أي يجعلك أعمى عن رؤية معايب الشيء المحبوب بحيث لا تبصر فيه عيباً ويجعلك أصم عن سماع قبائحه بحيث لا تسمع فيه كلاماً قبيحاً لاستيلاء سلطان المحبة على فؤادك) (?).

ولما سُئِل اللغوي ثعلب عن معنى الحديث قال: يَعمي العين عن النظر إلى مساويه ويصم الأذن عن سماع العذل فيه، وأنشأ يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015