ويشير الإمام البوصيري إلى فزع حليمه السعدية حينما أخبرها أبنها بما فعله الملكان بصدر النبي محمد عليه الصلاة والسلام وهما طفلان صغيران يمرحان فقط طرد خطر الشيطان منه.

ويقول:

وما حوى الغار من خير ومن كرم ... وكل طرف من الكفار عنه عمى

فالصدق في الغار والصديق لم يرما ... وهم يقولون ما بالغار من إرم (?)

ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على ... خير البرية لم تنسج ولم تحم

وقاية الله اغنت عن مضاعفة ... من الدروع وعن عال من الأطم (?)

في هذه الأبيات يحكى الإمام البوصيري قصة مطاردة الكفار لرسول صلّى الله عليه وسلّم وصديقه (أبى بكر الصديق) رضى الله عنه- وكيف أنهما بعد دخولهما الغار وبأمر من الله تعالى نسج العنكبوت نسيجا كثيفا، واستقرت الحمامة وباضت عند مدخل الغار مما جعل الكفار لا يبصرون من بداخله، ويتوهمون بأنه خال لم يدخله أحد منذ أمد بعيد، ويؤكد البوصيري أن هذه المعجزة هي وقاية من الله للصاحبين المهاجرين، وهي خير من أقوى الحصون وأشد الدروع.

ونمضي مع البوصيري في قصيدته حتى نصل إلى أبياته التالية:

ما سامنى الدهر ضيما واستجرت به ... الا ونلت جوارا لم يضم (?)

ولا التمست غنى الدارين من يده ... الا استلمت الندى من خير مستلم (?)

لا تنكر الوحى من رؤياه ان له ... قلبا اذا نامت العينان لم ينم (?)

وذاك حين بلوغ من نبوته ... فليس ينكر فيه حال محتلم (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015