لأن معرفة حقائق النتائج، لا يعلمها إلا الله تعالى.
فمهما ظن العبد مِن ظن، فليس كل أمر ظاهره خير، هو في حقيقته خير، وليس كل أمر ظاهره شر، هو في حقيقته شر.
فكم من أمر ظن صاحبه أن فيه خيرًا عظيمًا، فكان فيه هلاكه، وكم من أمر ظن صاحبه أن فيه شرًّا، فكان فيه نجاته، وحسبنا قول الله تعالى:
{وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لَّكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة 216].
قال ابن القيم في ((الفوائد - 247)):
ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور، والرضا بما يختاره له ويقضيه له، لما يرجو فيه من حسن العاقبة.
ومنها: أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم، فلعلَّ مضرَّته وهلاكه فيه وهو لا يعلم، فلا يختار على ربه شيئًا بل يسأله حسن الاختيار له، وأن يرضّيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك)).
للاستخارة فوائد عظيمة، ومنافع جمة، هي أعظم من استجابة دعائها، وتلبية طلب صاحبها.
أولى هذه الفوائد:
تحقيق معنى العبادة لله عز وجل، المتضمن الخضوع له، وإظهار الضعف والذل بين يديه، والحاجة واللجوء إليه، واستعطافه، وطلب الخيرة منه، ولو لم يكن فيها إلا هذا .. لكفى بها خيرًا عظيمًا.