مسَائِله المفردة يحْتَج لَهَا بِالْقُرْآنِ وَبِالْحَدِيثِ أَو بِالْقِيَاسِ ويبرهنها ويناظر عَلَيْهَا وينقل فِيهَا الْخلاف ويطيل الْبَحْث أُسْوَة من تقدمه من الْأَئِمَّة فَإِن كَانَ قد أَخطَأ فِيهَا فَلهُ أجر الْمُجْتَهد من الْعلمَاء وَإِن كَانَ قد أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِنَّمَا الذَّم والمقت لأحد رجلَيْنِ رجل أفتى فِي مَسْأَلَة بالهوى وَلم يبد حجَّة وَرجل تكلم فِي مَسْأَلَة بِلَا خميرة من علم وَلَا توسع فِي نقل فنعوذ بِاللَّه من الْهوى وَالْجهل وَلَا ريب أَنه لَا اعْتِبَار بذم أَعدَاء الْعَالم فَإِن الْهوى وَالْغَضَب يحملهم على عدم الْإِنْصَاف وَالْقِيَام عَلَيْهِ وَلَا اعْتِبَار بمدح خواصه والغلاة فِيهِ فَإِن الْحبّ يحملهم على تَغْطِيَة هناته بل قد يعدوها لَهُ محَاسِن وَإِنَّمَا الْعبْرَة بِأَهْل الْوَرع وَالتَّقوى من الطَّرفَيْنِ الَّذين يَتَكَلَّمُونَ بِالْقِسْطِ ويقومون لله وَلَو على أنفسهم وآبائهم فَهَذَا الرجل لَا أرجوا على مَا قلته فِيهِ دنيا وَلَا مَالا وَلَا جاها بِوَجْه أصلا مَعَ خبرتي التَّامَّة بِهِ وَلَكِن لَا يسعني فِي ديني وَلَا عَقْلِي أَن أكتم محاسنه وأدفن فضائله وأبرز ذنوبا لَهُ مغفورة فِي سَعَة كرم الله تَعَالَى وصفحة مغمورة فِي بَحر علمه وجوده فَالله يغْفر لَهُ ويرضى عَنهُ ويرحمنا إِذا صرنا إِلَى مَا صَار إِلَيْهِ مَعَ أَنِّي مُخَالف لَهُ فِي مسَائِل أَصْلِيَّة وفرعية قد أبديت آنِفا أَن خطأه فِيهَا مغْفُور بل قد يثيبه الله تَعَالَى فِيهَا على حسن قَصده وبذل وَسعه وَالله الْموعد مَعَ أَنِّي قد أوذيت لكلامي فِيهِ من أَصْحَابه وأضداده فحسبي الله
وَكَانَ الشَّيْخ أَبيض أسود الشّعْر واللحية قَلِيل الشيب شعره إِلَى شحمة أُذُنَيْهِ كَأَن عَيْنَيْهِ لسانان ناطقان ربعَة من الرِّجَال بعيد مَا