الجَصَّاصِ المتوفَّى سنةَ (370هـ) ، لكن دخلَ متأخِّروهمْ فيما دخلَ فيهِ غيرُهم، وهذا العلمُ لصِلتِهِ بالكتابِ والسُّنةِ يجبُ أن تُستفادَ أصولُهُ منهما، فلذا كان أحسنُ الطُّرُقِ في تقنينِهِ وتأصيلهِ طريقَةَ الشَّافعيِّ رحمهُ اللهُ ومن جرى على مِنْهَاجِهِ.
وهذَا الكتابُ الَّذِي بين يديكَ عوْدَةٌ بهذا العلمِ إلى ذلكَ المِنهاجِ، بأُسلوبِ مناسبٍ للعصرِ في الشَّرحِ والإيضاحِ، سلكْتُ فيه أسْلوبَ التَّقسيمِ والتَّنويعِ مع التَّمثيلِ بأدلَّةِ الشَّريعةِ للمسائلِ الأصوليَّة، وتمييزِ الصَّحيحِ منها بالأدلَّةِ، وأهمُّ خصلةٍ حرصتُ عليها فيه تجنُّبُ تلكَ المسائل الَّتي حُسبتْ على هذا العلمِ وليست منهُ، مع إسقاطِ التَّمثيلِ والاستدلالِ بما لا يثبُتُ من جهَةِ النَّقلِ كالأحاديثِ الضَّعيفةِ، واستدْراكِ قضايا أُصوليَّةٍ كثيرةٍ تفتقرُ إلى ذكرهَا أكثرُ كتُبِ الأصولِ وهي من صميمِ هذا العلمِ، أدَعُ تمييزهَا لمن شاء المُقارنَةَ لهذا الكتابِ بغيرهِ من كتُبِ الأصولِ، كما حرصتُ أن لا يفوتَ شيءٌ لهُ اتِّصَالٌ بهذا العلمِ مما يقعُ منثورًا في كتبِ الأصولِ المتفرقةِ ما جرى منها تصنيفهُ على طريقةِ الشَّافعيِّ أو الحنفيَّةِ أو أهلِ الكلامِ إلاَّ أوردُهُ في هذا الكتابِ، وشرطتُ أن لا أذكر فيه حديثًا أو أثرًا في موضعِ الاستدلالِ والاستشهادِ إلاَّ وهو ثابتٌ من جهةِ النَّقلِ، ولا أُقلِّدُ في عزْوِ الأخبارِ إلى كتبِ الحديثِ، بلْ أستخرجُها من أصُولهَا كالصَّحيحينِ والسُّنَنِ وغيرهَا، كما لا أُقلِّدُ في الحكمِ على إسنادٍ، بل