الجُمُعةِ.
ومنها: صيغة الأمرِ الواردةِ لإفادةِ نسخِ الحظْرِ والعودَةِ بحكْمِ الشَّيءِ إلى الإباحَةِ كما لو لم يرِدِ الحظَرُ، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نَهيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبورِ فزُرُورها، ونهيتُكُمْ عن لُحومِ الأضاحِي فوقَ ثلاثٍ فأمسِكُوا ما بدَا لكُم، ونهيتُكمْ عن النَّبيذِ إلاَّ في سقَاءٍ فاشربُوا في الأسقيةِ كُلِّها ولا تشْرَبُوا مُسكِرًا)) [رواه مسلمٌ] ، فهذه أوامرُ جاءتْ لإزالةِ الحظْرِ الَّذي وردَ لسببٍ، وقد كانتِ الأشياءُ المذكورَةُ قبلَ الحظْرِ مباحَةً، فعادتْ بهذا الأمرِ إلى ما كانتْ عليهِ.
4ـ استصحابُ الإباحةِ الأصليَّةِ، وهذا الَّذي يُقالُ فيه: (الأصلُ في الأشياءِ الإباحَةُ) ، فكلُّ شيءٍ مباحٌ ما لم يرِدْ دليلٌ ينقلهُ من تلكَ الإباحةِ إلى غيرهَا من الأحكامِ التَّكليفيَّة، فلا يُدَّعى وجوبٌ أو استحبابٌ أو تحريمٌ أو كراهَةٌ إلاَّ بدليلٍ ناقلٍ إليها من الإباحةِ.
وهذا أصلٌ استُفيدَ من نصوصٍ صريحةٍ في الكتابِ والسُّنَّةِ، وهو مناسبٌ للمعقولِ الصَّريح، فإنَّ من أعظمِ مقاصدِ التَّشريعِ: رفع الحرجِ، والإباحةُ تخييرٌ، ورفعُ الحرج ثابتٌ بها، بخلافِ ما هوَ مطلوبُ الفعلِ أو التَّركِ، فإنَّ المكلَّف محتاجٌ إلى تكلُّفِ القيامِ به ممَّا تحصلُ له به المشقَّةُ، والأشياءُ لا حصرَ لها، فإنْ عُلِّقتْ بغيرِ الإباحَةِ من الأحكامِ التَّكليفيَّةِ لزمَ منها تكليفٌ غيرُ مُتناهٍ، وهذا لا يتناسبُ