1ـ ما وردَ فيه النَّصُّ الظَّنيُّ.
وحيثُ أنَّ الظَّنيَّة واردَةٌ على النَّقلِ والثُّبوتِ في نصُوصِ السُّنَّةِ خاصَّةً، وعلى الدَّلالةِ على الحُكمِ في نصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ جميعًا، فمجالُ الاجتهادِ في الأمرِ الأوَّلِ أن يبذُلَ المجتهدُ وُسعهُ للوُصولِ إلى ثبوتِ نقلِ الخبرِ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يُزيلُ الشُّبهَةَ في بناءِ الأحكامِ على الأحاديثِ الضَّعيفةِ، فلا يبنِي ويفرِّعُ على الحديثِ قبل العِلمِ بصحَّتِهِ.
ومجالُ الاجتهادِ في الأمر الثَّاني وهوَ دلالَةُ النّصِّ على الحُكمِ، فذلكَ بالنَّظرِ إلى ما يدلُّ عليه ذلكَ النَّصُّ من الأحكامِ، وههُنَا يأتي دورُ (قواعدِ الاستِنباطِ) فيتبيَّنُ المجتهدُ ما أُريدَ بالعامِّ في هذا الموضعِ هل هُو باقٍ على شُمولِه جميعَ أفرادِهِ أم خُصِّصَ، والمُطلقُ؛ هل هُو باقٍ على إطلاقهِ أم قيِّدَ، والمُشتركُ؛ ما السَّبيلُ إلى ترجيحِ المعنى المُرادِ، والأمرُ والنَّهيُ؛ هل هُما في هذا النَّصِّ على الأصلِ في دلالتِهمَا أم مصرُوفانِ عنهَا، وهكذَا في سائرِ القواعِدِ.
2ـ ما لا نصَّ فيه.
وهذا يستعملُ فيه المُجتهِدُ قواعِدَ النَّظرِ، كالقِياسِ، والمصالحِ المُرسلَةِ، والاستِصحابِ، ومقاصِدِ التَّشريعِ، كُلاًّ بأُصولِه، ليصِلَ إلى استفادِةِب الحُكمِ في الواقعَةِ النَّازلَةِ.