المقيَّدِ.

مثالُه قوله تعالى في كفَّارةِ الظِّهارِ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ، مع قولهِ في كفَّارةِ قتلِ الخطإ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] ، فلفظُ (رقبَة) في الآية الأولى مُطلقٌ، وفي الثَّانية مقيَّدٌ بالإيمانِ، الحُكمُ واحدٌ هو الكفَّارةُ، والسَّببُ مُختلفٌ، فالأولى الظِّهارُ، والثَّانيةُ القتلُ.

فلا يصحُّ في هذا الحالةِ حملُ المُطلقِ على المقيَّدِ عندَ الحنفيَّةِ ومن وافقهُم خلافًا للشَّافعيَّةِ، يؤيِّدُ ذلك في المثالِ المذكورِ أنَّ الكفَّارةَ عقوبةٌ شُرعتْ لعلَّةٍ، ولكلِّ حُكمٍ علَّتُهُ المُناسبَةُ لهُ، قدْ تظهرُ وقدْ تخفَى، ولعلَّ المقامَ هُنا أنْ شُدِّدَ في كفَّارةِ القتلِ لشدَّةِ أمرِهِ بخلافِ الظِّهارِ، والقيدُ في هذا الحُكمِ تشديدٌ كما لا يخفى، واللهُ تعالى رحيمٌ بعبادِهِ، فحيثُ لم يُشدِّد فلا يُقالُ: أرادَ هُنا التَّشديدَ لكونِه شدَّدَ في حُكمٍ آخرَ ماثلَ هذا الحُكمَ في مُسمَّاهُ، فتلكَ زيادَةٌ في الشَّرعِ ومشقَّةٌ على الأمَّةِ.

* مسألة أصولية للحنفيَّة:

إذا جاءَ النَّصُّ مُطلقًا وأمكَن العملُ به على إطلاقِه لوُضوحِهِ في نفسِهِ وتمامِ بيانِهِ وعدمِ احتمالِهِ الزِّيادَةَ، لأنَّهُ لو اقتضاهَا لوجبَ أنْ تُذكرَ معهُ استيفاءً للبيانِ، فإذَا جاءتِ الزِّيادَةُ حينئذٍ فلا يكونُ لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015