كما سيأتي من غيرِ الاستدلالِ له من الكتاب ِوالسُّنَّة، والقياسُ لا يتمُّ إلاَّ بدليلٍ من الكتابِ والسُّنَّةِ، وسائرُ الأدلَّةِ ليسَ فيها مَا يُمكنُ تصحيحُ الاستدلالِ بهِ إلاَّ بالكتابِ والسُّنَّة، وحيثُ كانَ مرجعُ أمرِ السُّنَّةِ إلى القرآنِ، فقد صحَّ أنَّ مرجعَ جميعَ أدلَّةِ الأحكامِ إلى القُرآنِ.
* ترتيبُ الأدلة:
إذا كانَ مرجعُ جميعِ الأدلَّةِ إلى (القرآنِ) فوجبَ ضرورَةً أن يكونَ أوَّلها في الرُّجوعِ إليهِ لاستفادَةِ الأحكامِ، ولمَّا كانتِ (السُّنَّةُ) مبيِّنةً لهُ وهي الدَّليلُ الثَّاني المتَّفقُ على الاستدلالِ به لعودِهَا إلى مسمَّى (الوحي) فهي التَّاليةُ للقرآنِ في ترتيبِ الاستدلالِ، وجديرٌ أن تكُونَ سائرُ الأدلَّةِ في التَّرتيبِ تعودُ إلى قوَّةِ اتِّصالهَا بالوحييْنِ، فـ (الإجماعُ) لا يعودُ تقريرُهُ إلى نظرٍ، وعُمدتُهُ على النَّصِّ فهوَ ألصقُ من سائرِ الأدلَّةِ بالوحيِ، ثمَّ يأتي ترتيبُ الأدلَّةِ النَّظريَّة وعلى رأسهاَ (القياسُ) فهوَ أظهرُهَا من جهَّةِ اتِّصالهِ بالوحيِ.
وقَدْ رُويَ في ترتيبِ الأدلَّةِ حديثٌ مشهورٌ لا يكادُ يخلو منهُ كتابٌ من كُتُبِ الأصولِ، وهو حديثُ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ بعثَهُ إلى اليمَنِ فقال: ((كيفَ تصنعُ إنْ عرضَ لكَ قضاءٌ؟)) قالَ: أقضي بمَا في كِتابِ الله، قالَ: ((فإنْ لم يَكُنْ في كتابِ