الصحيح سبب للتقوى؛ لأنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا بان لهم الباطل اجتنبوه، ومن علم الحق فتركه والباطل فاتبعه كان أعظم لجرمه وأشد لإثمه.
فصل
في الحج وتوابعه قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]
وقال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] إلى آخر الآيات المتعلقة بالحج.
لما قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ - فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 96 - 97]
وكان في ذلك تنبيه على الحكم والأسرار والمصالح والبركات المتنوعة المحتوي هذا البيت العظيم عليها، وكان ذلك داعيا إلى تعظيمه بغاية ما يمكن من التعظيم، أوجب الله على العباد حجه وقصده لأداء المناسك التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلمها أمته، وأمرهم أن يأخذوا عنه مناسكهم.
فأوجبه على من استطاع إليه سبيلا بأن قدر على الوصول إليه بأي مركوب متيسر، وبزاد يتزوده ويتم به السبيل، وهذا هو الشرط الأعظم لوجوب الحج، وهذه الآية صريحة في فرضية الحج، وأنه لا يتم للعبد إسلام ولا إيمان وهو مستطيع إلا بحجه، وأن الله إنما أمر به العباد رحمة منه بهم، وإيصالا لهم إلى أجل مصالحهم وأعلى مطالبهم، وإلا فالله غني عن العالمين وطاعتهم، فمن كفر فلم يلتزم لشرع الله فهو كافر، ولن يضر إلا نفسه.
وأما آية البقرة فإن الله أمر فيها بإتمام الحج والعمرة بأركانهما وشروطهما