ولكن لما كان وسيلة لترك الواجب نهى الله عنه.
ومنها: تحريم الكلام والإمام يخطب، لأنه إذا كان الاشتغال بالبيع ونحوه - ولو كان المشتغل بعيدا عن سماع الخطبة - محرما فمن كان حاضرا تعين عليه أن لا يشتغل بغير الاستماع، كما أيد هذا الاستنباط الأحاديث الكثيرة.
ومنها: أن المشتغل بعبادة الله وطاعته إذا رأى من نفسه الطموح إلى ما يلهيها عن هذا الخير من اللذات الدنيوية والحظوظ النفسية شرع أن يذكرها ما عند الله من الخيرات، وما لمؤثر الدين على الهوى، وما يترتب من الضرر والخسران على ضده.
{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء: 101]
أي: إذا سافرتم في الأرض لتجارة أو عبادة أو غيرهما فقد خفف الله عنكم، ورفع عنكم الجناح، وأباح لكم، بل أحب لكم أن تقصروا الصلاة الرباعية إلى ركعتين، فإن حصل مع ذلك خوف فلا حرج في قصر كيفية الصلوات كلها؛ وهذا والله أعلم الحكمة في تقييد القصر بالخوف؛ لأنه من المعلوم المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم جواز القصر في السفر، ولو كان ليس فيه خوف، ولكن إذا اجتمع السفر والخوف كان رخصة في قصر العدد للرباعية والهيئة لغيرها، فإن وجد الخوف وحده، ترتب عليه قصر الهيئات على الصفة التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن وجد السفر وحده لم يكن فيه إلا قصر العدد.
ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا القيد قال: «صدقة تصدق الله عليكم