ولم تزل بهم هذه الجرأة والخضوع لأقوال جهلة الزنادقة حتى فسروا الملائكة بذلك التحريف، وحتى زعم بعضهم أن سجود الملائكة لآدم ليس حقيقة، وإنما ذلك تسخير الله للآدميين جميع ما في الأرض من القوى والمعادن وغيرها، فأنكر ما هو معلوم بالضرورة بخبر الله الصريح في كتابه وخبر رسوله، وقال هذه المقالة التي فيها - مع تكذيب الله ورسوله - تسوية كفار الآدميين وفجرتهم وأولهم وآخرهم بآدم، ومضمون ذلك بل صريح قولهم: إن الملائكة سجدت لجميع الآدميين برهم وفاجرهم؛ فأين قول الناس في موقف القيامة: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته. .؟
ولولا أن مثل هذه التحريفات والتكذيب لله ورسوله موجود في كتب من يشار إليهم بالعلم لم يكن بنا حاجة إلى دفع هذا القول الجريء، الذي يعلم كل مسلم لم تغيره العقائد الباطلة بطلانه.
ولنقتصر على هذا المقدار من الإشارة إلى العقائد المتعلقة بالتوحيد والرسالة واليوم الآخر والجزاء - وإن كان القرآن معظمه في تقرير هذه الأصول العظيمة - لشدة الحاجة والضرورة إليها في كل وقت وحال، ولكن حصل - ولله الحمد - التنبيه الذي يحصل به المقصود، ويعين على غيره، والله أعلم.
فصل
في ذكر الفوائد والثمرات
المترتبة على التحقق بهذه العقائد الجليلة اعلم أن خير الدنيا والآخرة من ثمرات الإيمان الصحيح، وبه يحيا العبد حياة طيبة في الدارين، وبه ينجو من المكاره والشرور، وبه تخف الشدائد،