فائدة
بل فوائد عظيمة في ذكر شيء من الأسباب
التي ذكرها الله في كتابه موصلة إلى المطالب العالية لا ريب أن من حكمة الله ورحمته أنه جعل العباد مفتقرين إلى جلب المنافع الدينية والدنيوية، وإلى دفع المضار الدينية والدنيوية، فاقتضت حكمته وسنته التي لا تتبدل أن هذه المنافع المتنوعة - وخصوصا الأمور العظام - لا تحصل إلا بالسعي بأسبابها الموصلة إليها، وكذلك المضار لا تندفع إلا بالسعي بالأسباب التي تدفعها، وقد بين في كتابه غاية التبيين هذه الأسباب، وأرشد العباد إليها، فمن سلكها فاز بالمطلوب، ونجا من كل مرهوب.
فأصل الأسباب كلها الإيمان والعمل الصالح، جعل الله خيرات الدنيا والآخرة وحصولها بحسب قيام العبد بهذين الأمرين، وقد ذكر الله في القرآن من هذا شيئا كثيرا جدا، وقد تقدم في هذا الكتاب شيء من ذلك عند ذكر فوائد الإيمان.
وجعل الله القيام بالعبودية والتوكل سببا لكفاية الله للعبد جميع مطالبه، شاهده قوله تعالى:
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36]
أي: بمن يقوم بعبوديته ظاهرا وباطنا.
وجعل الله التقوى والسعي والحركة سببا للرزق، شاهده قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3]