المواضع مثل:
{فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 39]
أي: لا يحتاج في علم ذلك وجزائه عليه إلى سؤاله سؤال استعلام؛ لأنها مسطرة عليهم قد حفظت بالشهود من الملائكة والجوارح والأرض وغيرها.
* فائدة: النفي المحض لا يكون كمالا، ولهذا في مقامات المدح كل نفي في القرآن فإنه يفيد فائدتين: نفي ذلك النقص المصرح به، وإثبات ضده ونقيضه؛ فيدخل في هذا أشياء كثيرة أعظمها أنه أثنى على نفسه بنفي أمور كثيرة تنافي كماله، نفي الشريك في مواضع متعددة فيقتضي توحُّده بالكمال المطلق، وأنه لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وسبح نفسه في مواضع، وأخبر في مواضع عن تسبيح المخلوقات، والتسبيح تنزيه الله عن كل نقص، وعن أن يماثله أحد، وذلك يدل على كماله، ونفى عن نفسه الصاحبة والولد، ومكافأة أحد ومماثلته، وذلك يدل على كماله المطلق وتفرُّده بالوحدانية والغنى المطلق والملك المطلق، ونفى عن نفسه السِّنَةَ والنوم والموت؛ لكمال حياته وقيوميته، ونفى كذلك الظلم في مواضع كثيرة، وذلك يدل على كمال عدله وسعة فضله، ونفى أن يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أو يعجزه شيء؛ وذلك لإحاطة علمه وكمال قدرته، ونفى العبث في مخلوقاته وفي شرعه؛ وذلك لكمال حكمته، وهذه فائدة عظيمة فاحفظها في خزانة قلبك، فإنها خير الكنوز وأنفعها.
وكذلك نفى عن كتابه القرآن الريب والعوج والشك ونحوها، وذلك يدل على أنه الحق في أخباره وأحكامه، فأخباره أصدق الأخبار وأحكمها وأنفعها للعباد، وأحكامه كلها محكمة في كمال العدل والحسن والاستقامة