{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]
فلم يزل يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.
ثم أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته، وعرج به إلى فوق السماوات السبع، وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها، وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، وصلى به يومين، اليوم الأول صلَّى الصلوات الخمس في أول وقتها، واليوم الثاني في آخر الوقت، وقال: الصلاة ما بين هذين الوقتين، ففرضت الصلوات الخمس قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين، ولم يفرض الأذان في ذلك الوقت، ولا بقية أركان الإسلام، وانتشر الإسلام في المدينة وما حولها.
ومن جملة الأسباب: أن الأوس والخزرج كان اليهود في المدينة جيرانا لهم، وقد أخبروهم أنهم ينتظرون نبيا قد أظل زمانه، وذكروا من أوصافه ما دلهم عليه؛ فبادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في