ومنها: أن سوء الظن مع وجود القرائن الدالة عليه غير ممنوع ولا محرم؛ فإن يعقوب قال لأولاده:

{هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 64]

وقال: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف: 83]

فهم في الأخيرة، وإن لم يكونوا مفرطين، فقد جرى منهم ما أوجب لأبيهم أن يقول ما قال من غير لوم عليه.

ومنها: أن استعمال الأسباب الدافعة للعين وغيرها من المكاره، أو الرافعة لها بعد نزولها غير ممنوع، وإن كان لا يقع شيء إلا بقضاء الله وقدره، فإن الأسباب أيضا من القضاء والقدر؛ لقول يعقوب:

{يا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف: 67]

ومنها: جواز استعمال الحيل والمكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق، وأن العلم بالطرق الخفية الموصلة إلى مقاصدها مما يحمد عليه العبد، وأما الحيل التي يراد بها إسقاط واجب أو فعل محرم فإنها محرمة غير نافذة.

ومنها: أنه ينبغي لمن أراد أن يوهم غيره بأمر لا يحب بيانه له أن يستعمل المعاريض القولية والفعلية المانعة له من الكذب، كما فعل يوسف حين ألقى الصواع في رحل أخيه، ثم استخرجها معه موهما أنه سارق، وليس في ذلك تصريح بسرقته، وإنما استعمل المعاريض، ومثل هذا قوله:

{مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: 79]

ولم يقل: من سرق متاعنا.

ومنها: أنه لا يجوز أن يشهد إلا بما علمه، وتحققه برؤية أو سماع لقولهم: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015