ومنها: القاعدة الكبيرة الأخرى، وهي: أن عمل الإنسان في مال غيره - إذا كان على وجه المصلحة ودفع المضرة - يجوز بلا إذن، حتى ولو ترتب عليه إتلاف بعض المال، كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم، وتحت هاتين القاعدتين من الفوائد ما لا حصر له.
ومنها: أن العمل يجوز في البحر كما يجوز في البر، لقوله: {يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79]
ومنها: أن القتل من أكبر الذنوب.
ومنها: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته، وما يتعلق به، لقوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82] وأن خدمة الصالحين وعمل مصالحهم أفضل من غيرهم؛ لأنه علَّل أفعاله بالجدار بقوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82]
ومنها: استعمال الأدب مع الله حتى في الألفاظ؛ فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] وأما الخير فأضافه إلى الله لقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82]
وقال إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]
وقالت الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: 10] مع أن الكل بقضاء الله وقدره.
ومنها: أنه ينبغي للعبد أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال ويترك صحبته، بل يفي له بذلك حتى لا يجد للصبر محلا، وأن موافقة الصاحب لصاحبه في غير الأمور المحذورة مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكُّدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة.