كيفية الفتك به، ومن الأسباب التي أوقفتهم عند حدهم خوفهم من قبيلته، وانظر إلى حالته في تضييقهم عليه بالشعب، وانحياز قبيلته معهم - مسلمهم وكافرهم - ولم يخطر ببالهم أنهم يصلون إلى الفتك بشخصه الكريم حتى مكروا ذلك المكر العظيم، إذ اتفق رأيهم على أن ينتدب لقتله من كل قبيلة رجل ليتفرق دمه في القبائل، فيعجز قومه عن الأخذ بثأره، ولكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
قصة شعيب عليه السلام نبأه الله وأرسله إلى أهل مدين، وكانوا مع شركهم يبخسون المكاييل والموازين، ويغشون في المعاملات، وينقصون الناس أشياءهم، فدعاهم إلى توحيد الله، ونهاهم عن الشرك به، وأمرهم بالعدل في المعاملات، وزجرهم عن البخس في المعاملات، وذكرهم الخير الذي أدره الله عليهم، والأرزاق المتنوعة، وأنهم ليسوا بحاجة إلى ظلم الناس في أموالهم، وخَوَّفهم العذاب المحيط في الدنيا قبل الآخرة، فأجابوه ساخرين وردوا عليه متهكمين فقالوا:
{يا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87]
أي: فنحن جازمون على عبادة ما كان آباؤنا يعبدون، وجازمون على أننا نفعل في أموالنا ما نريد من أي معاملة تكون، فلا ندخل تحت أوامر الله وأوامر رسله؛ فقال لهم:
{يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} [هود: 88]