[يونس: 96 و97] .
فمن جملة مقالاته لأبيه إذ قال لأبيه:
{يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا - يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ} [مريم: 42 - 43]
انظر إلى حسن هذا الخطاب الجاذب للقلوب: لم يقل لأبيه: إنك جاهل؛ لئلا ينفر من الكلام الخشن، بل قال له هذا القول: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا - يا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا - يا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} [مريم: 43 - 45]
فانتقل بدعوته من أسلوب لآخر لعله ينجع فيه أو يفيد، ولكنه مع ذلك قال له أبوه:
{أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46]
هذا وإبراهيم لم يغضب ولم يقابل أباه ببعض ما قال، بل قابل هذه الإساءة الكبرى بالإحسان فقال:
{سَلَامٌ عَلَيْكَ} [مريم: 47]
أي: لا أتكلم معك إلا بكلام طيب لا غلظة فيه ولا خشونة، ومع ذلك فلست بآيس من هدايتك: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47]
أي: برا رحيما قد عودني لطفه وأجراني على عوائده الجميلة، ولم يزل لدعائي مجيبا.
فلم يزل إبراهيم مع قومه في دعوة وجدال، وقد أفحمهم وكسر جميع