وفي ذلك كله من استصحاب ذكر الله، ومن القوة على الحركات والسكنات، ومن قوة الثقة بالله، ومن نزول بركة الله التي خير ما صحبت العبد في أحواله كلها ما لا غنى للعبد عنه طرفة عين.
ومنها: أن تقوى الله والقيام بواجبات الإيمان من جملة الأسباب التي تُنال بها الدنيا وكثرة الأولاد والرزق وقوة الأبدان - وإن كان لذلك أيضا أسباب أُخر -، وهي السبب الوحيد الذي ليس هناك سبب سواه في نيل خير الآخرة، والسلامة من عقابها.
ومنها: أن النجاة من العقوبات العامة الدنيوية هي للمؤمنين، وهم الرسل وأتباعهم، وأما العقوبات الدنيوية العامة فإنها تختص بالمجرمين، ويتبعهم توابعهم من ذرية وحيوان، وإن لم يكن لها ذنوب؛ لأن الوقائع التي أوقع الله بأصناف المكذِّبين شملت الأطفال والبهائم، وأما ما يذكر في بعض الإسرائيليات أن قوم نوح أو غيرهم لما أراد الله إهلاكهم أعقم الأرحام حتى لا يتبعهم في العقوبة أطفالهم فهذا ليس له أصل، وهو مناف للأمر المعلوم، وذلك مصداق لقوله تعالى:
{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]
قصة هود عليه الصلاة والسلام بعث الله هودا عليه الصلاة والسلام إلى قومه عادا الأولى المقيمين بالأحقاف - من رمال حضرموت - لما كثر شرهم، وتجبروا على عباد الله وقالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: 15]
مع شركهم بالله وتكذيبهم لرسل الله، فأرسله الله إليهم يدعوهم إلى