من صدق الإيمان، وقوة التوكل على الله، ومراغمته في أعمال الخير، ومقاومة وساوسه والأفكار الرديئة التي يدفع بها إلى القلب كل وقت بما يضادها، ويبطلها من العلوم النافعة والحقائق الصادقة.
ومنها أن فيها دلالة لمذهب أهل السنة والجماعة المثبتين لله ما أثبته لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات كلها، لا فرق بين صفات الذات، ولا بين صفات الأفعال.
ومنها إثبات اليدين لله كما هو في قصة آدم صريحا: لما خلقت بيدي، فله يدان حقيقة، كما أن ذاته لا تشبهها الذوات، فصفاته تعالى لا تشبهها الصفات.
قصة نوح صلى الله عليه وسلم مكث البشر بعد آدم قرونا طويلة وهم أمة واحدة على الهدى، ثم اختلفوا وأدخلت عليهم الشياطين الشرور المتنوعة بطرق كثيرة، فكان قوم نوح قد مات منهم أناس صالحون فحزنوا عليهم، فجاءهم الشيطان فأمرهم أن يصوروا تماثيلهم؛ ليتسلوا بها وليتذكروا بها أحوالهم، فكان هذا مبتدأ الشر؛ فلما هلك الذين صوروهم لهذا المعنى جاء من بعدهم وقد اضمحل العلم، فقال لهم الشيطان: إن هؤلاء وَدًّا وسُواعا ويَغُوث ويَعُوق ونَسرا؛ قد كان أوَّلوكم يدعونهم ويستشفعون بهم، وبهم يسقون الغيث وتزول الأمراض، فلم يزل بهم حتى انهمكوا في عبادتهم على رغم نصح الناصحين، ثم بعث الله فيهم نوحا صلى الله عليه وسلم يعرفونه ويعرفون صدقه وأمانته وكمال أخلاقه، فقال:
{يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59]