بانفراده بصفات العظمة والكبرياء والمجد والعز والجلال، وبنعوت الجود والبر والرحمة والإحسان والجمال، وبكماله المطلق الذي لا يحصي أحد من الخلق أن يحيطوا بشيء منه، أو يبلغوه، أو يصلوا إلى الثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده.
وأما القسط فهو العدل الكامل؛ والله تعالى هو القائم بالعدل في شرعه وخلقه وجزائه؛ فإن العبادات الشرعية والمعاملات وتوابعها، والأمر والنهي كله عدل وقسط، لا ظلم فيه بوجه من الوجوه، بل هو في غاية الإحكام والانتظام، في غاية الحكمة، والجزاء على الأعمال كله دائر بين فضل الله وإحسانه على الموحدين المؤمنين به، وبين عدله في عقوبة الكافرين والعاصين، فإنه لم يهضمهم شيئا من حسناتهم، ولم يعذبهم بغير ما كسبوا: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]
قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19] فتوحيد الله ودينه قد ثبت ثبوتا لا ريب فيه، وهو أعظم الحقائق وأوضحها؛ وقد شهد الله له بذلك بما أقام من الآيات والبراهين والحجج المتنوعة عليه، ومن شهادته تعالى أنه أقام أهل العلم العارفين بهذه الشهادة، فإنهم المرجع للعباد في تحقيق كل حق، وإبطال كل باطل، لما خصهم الله به من العلم الصحيح، واليقين التام، والمعرفة الراسخة.
وهذا من جملة فضائل العلم وأهله، فإن الله جعلهم وسائط بينه وبين عباده، يبلغونهم توحيده ودينه، وشرائعه الظاهرة والباطنة؛ وأمر الناس بسؤالهم والرجوع إلى قولهم، وأنهم هم الأئمة المتبوعون، وغيرهم تابع لهم في الدنيا والآخرة، ولهذا لهم الكلمة الرفيعة حتى في الآخرة، لما ذكر