السارق هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه، وهو من كبائر الذنوب الموجبة لترتب هذه العقوبة، وهو أنه يجب قطع يده اليمنى كما هي قراءة بعض الصحابة، واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط، فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم، ولكن السنة قيدت عموم الآية الكريمة بأمور كلها ترجع إلى تحقيق السرقة للأموال.
فمنها: لا بد أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك.
ومنها: لا بد أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه، ويؤخذ هذا من لفظ السارق؛ فإنه الذي يأخذ المال على وجه لا يمكن التحرز منه، فإن عاد السارق قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فقيل تقطع يده اليسرى، ثم إن عاد قطعت رجله اليمنى، وقيل: يحبس حتى يموت، وورد في ذلك آثار عن السلف مختلفة.
وقوله: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38] من التجري على أموال الناس {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38] أي: ترهيبا منه للسراق ليرتدعوا إذا علموا أنهم يقطعون، وهذا نظير قوله في القتل: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] أي: عز وحكم، فقطع بحكمته يد السارق؛ تنكيلا للمجرمين، وحفظا للأموال.
وقد ذكر الله قبل هذا حد قطاع الطريق المحاربين في قوله:
{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} [المائدة: 33]
فقيل: إن الإمام مخير فيهم بين هذه الأمور، وعليه أن يفعل ما تقتضيه المصلحة، ويحصل به النكاية، وقيل: إن هذه العقوبة مرتبة بحسب الجريمة؛