من جملة الأحكام المنتشرة المتعلقة بالزوجة أنه قد يؤلي منها أو يظاهر منها، والفرق بين الإيلاء والظهار أن الإيلاء هو الحلف بالله على ترك وطء زوجته أبدا، أو مدة طويلة تزيد على أربعة أشهر إذا كان قادرا على الوطء، فإذا فعل ذلك وحلف هذا الحلف فلا يخلو: إما أن تطالبه الزوجة بحقها من الوطء أو لا تطالبه، فإن لم تطالبه ترك وشأنه، فإن وطئ في هذه المدة فقد حنث، وعليه كفارة يمين، وإلا فلا كفارة عليه، وإن طالبته بالوطء أمر بذلك وجعل له أربعة أشهر، فإن فاء ورجع إلى الوطء فذلك هو المطلوب منه، وهو أحب الأمرين إلى الله، وإن أبى وامتنع ومضت الأربعة الأشهر وهو مصر على عدم وطئها وهي مقيمة على طلب حقها، أجبر على أحد أمرين: إما أن يفيء ويكفر كفارة يمين، وإما أن يطلق، فإن امتنع من كل منهما طلق الحاكم عليه.
وأما الظهار فأن يحرم زوجته ويقول لها: أنت علي كظهر أمي، أو نحوه من ألفاظ التحريم الصريحة، فهذا قد أتى منكرا من القول وزورا، وكذب أعظم كذب إذ شبه من هي حلال بمن هي أعظم المحرمات، وهي الأم، ولهذا قال:
{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2]
ثم عرض التوبة فقال:
{وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة: 2]- تتمة الآية -[المجادلة: 2] .
ثم ذكر طريقها بالكفارة، فأمر المظاهر أن يعتق رقبة من قبل أن يمسها فإن لم يجد صام شهرين متتابعين من قبل المسيس أيضا، فإن لم يستطع