وفي الآية تنبيه على أنه ينبغي للعبد أن يعلق رجاءه بالله وحده، وأن الله إذا قدر له سببا من أسباب الرزق والراحة أن يحمده على ذلك، ويسأله أن يبارك فيه له، فإن انقطع أو تعذر ذلك السبب فلا يتشوش قلبه، فإن هذا السبب من جملة أسباب لا تحصى ولا يتوقف رزق العبد على ذلك السبب المعين، بل يفتح له سببا غيره أحسن منه وأنفع، وربما فتح له عدة أسباب، فعليه في أحواله كلها أن يجعل فضل ربه، والطمع في بره نصب عينيه وقبلة قلبه، ويكثر من الدعاء المقرون بالرجاء؛ فإن الله يقول على لسان نبيه: «أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله» ، وقال: «إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي» .
فصل قال الله تعالى في أحكام الطلاق والعدد:
{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] إلى قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 231]
وقال: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] الآيات [الطلاق: 1 وما بعدها] .
ذكر الله أحكام الفراق كما ذكر أحكام النكاح والدخول فيه، تقدم أنه تعالى حث الزوج على الصبر على زوجته ما دام متمكنا من الصبر، وفي هذا ذكر الله أنه إذا كان لا بد له من الطلاق، فعليه أن يطلق زوجته لعدتها، أي: لتستقبل عدتها، وذلك أن يطلقها مرة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، أو يطلقها وهي حامل قد تبين حملها، أو وهي آيسة أو صغيرة؛ لأنها في هذه الأحوال كلها تبتدئ بالعدة البينة الواضحة، فمن طلقها أكثر من