{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} [الأنفال: 60]

ومن أسباب الثبات والنصر: حسن النية، وكمال الإخلاص في إعلاء كلمة الحق؛ فلهذا حذر تعالى من مشابهة الذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس، ويصدون عن سبيل الله، فهؤلاء لما لم يعتمدوا على ربهم، وأعجبوا بأنفسهم، وخرجوا أشرين بطرين، وكان قتالهم لنصر الباطل باءوا بالخيبة والفشل والخذلان، ولهذا أدب خيار الخلق لما حصل من بعضهم الإعجاب بالكثرة في غزوة حنين حيث قال القائل: لن نغلب اليوم عن قلة. فقال:

{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] فلما زال هذا الأمر عنهم، وعرفوا ضعفهم وعاقبة الإعجاب: {أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 26]

ومن الأسباب التي أرشد الله إليها في القتال: الثبات والصبر وحسن التدبير، والنظام الكامل في جميع الحركات العسكرية، قال تعالى:

{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121]

وكان صلى الله عليه وسلم يرتب الجيش، وينزلهم منازلهم، ويجعل في كل جنبة كفئها، ويسد الثغرات التي يخشى أن يتسرب منها العدو، يحفظ المكامن، ويبعث العيون لتعرف أحوال العدو، ويستعين بمشاورة أصحابه كما أمر الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015