الحديث الثاني

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قيْس: أنً أبَا عَمْرِو بْن حَفْص طَلقهَا ألبته وَهُو غَائِب.

وفي رواية: طلَقَهَا ثلاثا فأرسل إلَيْهَا وَكِيلَة بِشَعِير، فَسَخِطَته فَقَالَ: والله مَالَكِ عَلَينا منْ شيء.

فَجَاءت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذَكرَتْ ذلِكَ لَهُ، فقالَ: " ليْسَ لكَ عَلَيْهِ نَفَقَة" وفي لفظ "وَلا سكْنَى".

فَأمَرَهَا أن تَعتَدً في بَيْتِ أم شَريكٍ، ثم قالَ: " تِلكَ امرَأة يَغشَاهَا أصحابي، اعتدي عنْدَ ابنِ أم َمكتوم، فَإنَهُ رَجُل أعمَى، تَضَعِينَ ثِيابَكِ عِنْدَهُ، فَإذا حللتِ فآذنيني ".

قَالتْ: فَلَمَا حلَلتُ ذكرت لَهُ أن مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سُفْيَانَ وأبَا جَهْم خَطَبَاني.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أبو جَهْم فلا يَضَعَُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهٍ، وأما مُعَاوِيَة فصعلوك لا مَالَ له، انكحِي أسامة بنَ زَيد " فَكَرِهَتْهُ.

ثم قَالَ: " انكحِي أسامة بنَ زيد " فنكحته، فَجَعَلَ الله فِيهِ خيْرا وَاغْتَبَطْتُ بهِ (?) .

الغريب:

ألبتة: البت: القطع. قال في (المصباح) (بت الرجل طلاق امرأته، فهي مبتوتة، والأصل مبتوت طلاقها) والمراد- هنا- أنه طلقها طلاقا بائنا لا رجعة فيه.

فسخطته: السخط: ضد الرضا، قال في (مختار الصحاح) : أسخطه: أغضبه، وتسخط عطاءه، استقله. فالمراد -هنا- أنها استقلت النفقة.

"أم شريك: بفتح الشين وكسر الراء، بعدها ياء، ثم كاف: إحدى فضليات نساء الصحابة رضي الله عنهم.

يغشاها أصحابي: يراد بغشيانهم، كثرة ترددهم إلا، لصلاحها وفضلها.

فآذنيني: بمد الهمزة، أي أعلميني.

فلا يضع عصاه عن عاتقه: العاتق ما بين العنق والمنكب، وهو مكان وضع العصا.

وهذا التعبير، كناية عن شدته على النساء، وكثرة ضربه لهن ويفسر هذا المعنى روايتا (مسلم) .

الأولى: "وأما أبو جهم فرجل ضَراب للنساء".

والثانية: "وأبو جهم فيه شدة على النساء".

و"جهم" مفتوح الجيم، ساكن الهاء.

فصعلوك: بضم الماد، التصعلك، هو الفقر، والصعلوك هو الفقير.

انكحي أسامة: بكسر الهمزة، ضبطه المطرزي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015