وهذا قول وسط في الموضوع، وفيه توسعة على الناس، الذين اضطروا إلى التعامل بها، كما أن فيه أيضا سدا لباب ربا النسيئة، الذي هو أعظم أنواع الربا.
وبسط الموضوع يحتاج إلى بحث مستقل، لأنه حصل بها مجادلات طويلة.
ولشيخنا " عبد الرحمنٍ بن ناصر آل سعدي " رسالة في هذا البحث، نشرت في الصحف، ونشرت أيضا وحدها برسالة مستقلة، وهو يرجح القول الأخير.
الرهن: بفتح الراء وسكون الهاء، وهو، لغة: - الثبوت والدوام.
فأخذ معناه الشرعي من هذا، لبقائه واستقراره عند المرتهن.
"تعريفه شرعا: جَعْلُ مال، توثقةً، بدين يستوفى منه، أو من ثمنه، إن تعذر الاستيفاء من ذمة الغريم.
وهو جائز بالكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس الصحيح.
أما الكتاب فقوله تعالى: {إِنْ كنْتُمْ عَلَى سَفَر ولَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فِرِهَان مَقْبوضَةٌ} .
"أما السنة، فكثيرة، ومنها ما في البخاري عن أنس قال: " ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه بشعير " وفيها حديث الباب، وغيرهما كثير.
وأجمع المسلمون على جوازه، وإن اختلفوا في بعض مسائله.
كما أن الحاجة داعية إليه في كثير من المعاملات، إذ به يحصل التوثقة والاستيفاء..
أما فائدته، فكبيرة. لأنه من الوثائق التي يحصل منها الاستيفاء عند تعذر ذلك من الذٌمم، ويؤمن به من غدر المدين، ويحصل به الاطمئنان للدائن من مدينه.
وأكمل التوثق إذا قبض الرهن عند المرتهن، أو العدل الذي يرضى الراهن والمرتهن بقاءه بيده.
فإن لم يحصل قبضه، فالرهن صحيح لازم، ولكنه ناقص الفائدة، قليل الثمرة.
وقد أرشد الله إلى أكمل الحالات وأوثقها فقال: {فَرِهَان مقبوضة} .