والتصديق بأخباره وغير ذلك مما يتباين الناس فيه ويتفاضلون تفاضلا عظيما. ويقوي ذلك كلما ازداد العبد تدبرا للقرآن، وفهما ومعرفة بأسماء الله وصفاته وعظمته، وأظهر فقره إليه في عبادته، اشتغاله به، فإنه لا صلاح له إلا بأن يكون الله هو معبوده الذي يطمئن إليه، ويأنس به، ويلتذ بذكره، ولاحصول لهذا إلا بإعانة الله، ومتى لم يعنه الله على ذلك لم يصلحه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الثاني: زوال العوارض، وهو الاجتهاد في دفع ما يشغل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يفيده في عبادته، وتدبر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة، وهذا في كل عبد بحسبه، فإن كثرة الوساوس بحسب كثرة الشبهات والشهوات، وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها، والعبد الكيس يجتهد في كمال الحضور، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لما كان السفر مظنة المشقة، رخص فيه الشارع بعض الرخص في العبادات، تيسيراً على عباده ورحمة بهم.
ومن تلك الرخص، إباحة الجمع للمسافر، الذي ربما أدركه وقت الصلاة وهُو جادُّ في سفره.
فأبيح له أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين صلاتي المغرب والعشاء، في وقت إحداهما أيضا.
وهذا كله من سماحة الشريعة المحمدية ويسرها وهو فضل من الله تعالى، لئلا يجعل علينا في الدين من حرج.
عَنْ عَبْدِ الله بن عَبَّاس رَضِيَ الله عَنْهَما قال: كَان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
يَجْمَعُ بَيْن صَلاَةِ الظُّْهرِ وَالعَصْرِ إذَا كان عَلى ظَهْر سَيْر، وَيَجْمَعُ بينَ الْمَغْرِب وَالعِشَاء (?)