قال في"الصحيح"عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضيء ربك، وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي" 1.

ش: قوله:"في الصحيح"، أي:"الصحيحين".

قوله:"لا يقل أحدكم"، هو بالجزم على النهي، والمراد أن يقول ذلك لمملوكه أو مملوك غيره، فالكل منهي عنه.

قوله:"أطعم ربك"، بفتح الهمزة من الإطعام.

قوله:"وضيء ربك"، أمر من الوضوء وفيهما في هذا الحديث زيادة: "اسق ربك"، وكأن المؤلف اختصرها.

قال الخطابي: وسبب المنع أن الإنسان مربوب معبد بإخلاص التوحيد لله تعالى، وترك الإشراك به، فترك المضاهاة بالاسم لئلا يدخل في معنى الشرك، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد. وأما من لا تعبد عليه من سائر الحيوانات والجمادات، فلا يكره أن يطلق ذلك عليه عند الإضافة كقوله: رب الدار والثوب.

قال ابن مفلح في"الفروع": وظاهر النهي التحريم، وقد يحتمل أنه للكراهية، وجزم به غير واحد من العلماء.

فإن قلت: قد قال الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} 2.وقال النبي صلى الله عليه وسلم في اشتراط الساعة: "أن تلد الأمة ربتها" 3 فهذا يدل على الجواز.

قيل: فأما الآية ففيها جوابان. أحدهما وهو الأظهر: أن هذا جائز في شرع من قبلنا، وقد ورد شرعنا بخلافه. والثاني: أنه ورد لبيان الجواز، والنهي للأدب والتنْزيه دون التحريم.

وأما الحديث فليس من هذا الباب للتأنيث، والنهي عنه أن يقول ذلك للذكر لما فيه من إيهام المشاركة، وهو معدوم في الأنثى. أو يقال: بحمله على الكراهة في الأنثى أيضًا لورود الحديث بذلك دون الذكر، لأنه لم يرد فيه إلا النهي، ويقال وهو أظهر: إن هذا ليس فيه إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015