بالصحة والسرور في الأهل والمال والولد، وهم فيها لا يبخسون لا ينقصون، ثم نسختها و {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} " رواه النحاس في ناسخه.

وقوله: "ثم نسختها"، أي: قيدتها أو خصصتها، فإن السلف كانوا يسمون التقييد والتخصيص نسخًا، وإلا فالآية محكمة. وقال الضحاك: من عمل صالحًا من أهل الإيمان من غير تقوى، عجل له ثواب عمله في الدنيا، واختاره الفراء. قال ابن القيم: وهذا القول أرجح. ومعنى الآية على هذا: من كان يريد بعمله الحياة الدنيا وزينتها. وقالت طائفة: هذه الآية في حق الكفار بدليل قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ} 1 أي: أنهم لم يعملوا إلا للحياة الدنيا وزينتها. {وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا} 2. قال بعض المفسرين: أي: وحبط في الآخرة ما صنعوه، أو صنيعهم يعني: لم يكن لهم ثواب، لأنهم لم يريدوا به الآخرة، إنما أرادوا به الدنيا، وقد وفى إليهم ما أرادوا {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 3 أي: كان عمله في نفسه باطلاً، لأنه لم يعمل لوجه صحيح، والعمل الباطل لا ثواب له. انتهى.

فإن قيل: الآية على القول الأول تقتضي تخليد المؤمن من المريد بعمله الدنيا في النار.

قيل: إن الله سبحانه ذكر جزاء من يريد بعمله الحياة الدنيا وزينتها، وهو النار، وأخبر بحبوط عمله وبطلانه، فإذا أحبط ما ينجو به وبطل، لم يبق معه ما ينجيه. فإن كان معه إيمان لم يرد به الحياة الدنيا وزينتها، بل أراد به الله والدار الآخرة، لم يدخل هذا الإيمان في العمل الذي حبط وبطل. ونجاة هذا الإيمان من الخلود في النار، وإن دخلها بحبوط عمله الذي به النجاة المطلقة. فالإيمان إيمانان إيمان: يمنع دخول النار، وهو الإيمان الباعث على أن تكون الأعمال لله وحده يبتغي بها وجهه وثوابه، وإيمان يمنع الخلود في النار، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015