كما قال: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} 1، أي: معبودكم الذي أدعوكم إلى عبادته إله واحد لا شريك له {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} 2، أي: من كان يخاف لقاء الله يوم القيامة. قال شيخ الإسلام: أما اللقاء، فقد فسره طائفة من السلف والخلف بما يتضمن المعاينة والمشاهدة بعد السلوك والسير وقالوا: إن لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى وأطال في ذلك واحتج له. وقال سعيد ابن جبير: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} 3. قال: من كان يخشى البعث في الآخرة رواه ابن أبي حاتم. {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 4، أي: كائنًا ما كان. قال ابن القيم أي: كما أنه إله واحد لا إله سواه، فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له وحده لا شريك له فكما تفرد بالإلهية يجب أن يفرد بالعبودية، فالعمل الصالح هو الخالص من الرياء، المقيد بالسنة انتهى. وهذان ركنا العمل المتقبل لا بد أن يكون صوابًا خالصًا، فالصواب أن يكون على السنة وإليه الإشارة بقوله: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} 5. والخالص: أن يخلص من الشرك الجلي والخفي وإليه الإشارة بقوله: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 6. روى عبد الرزاق وابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص وابن أبي حاتم والحاكم عن طاوس قال: "قال رجل يا نبي الله إني أقف المواقف أبتغي وجه الله وأحب أن يرى موطني فلم يرد عليه شيئًا حتى نزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، [الكهف، من الآية: 110] ". رواه الحاكم وصححه موصولاً عن طاوس عن ابن عباس.

وفي الآية دليل على الشهادتين، وأن الله تعالى فرض على نبينا صلى الله عليه وسلم أن يخبرنا بتوحيد الإلهية، ولا فتوحيد الربوبية لم ينكره الكفار الذين كذبوه وقاتلوه ذكره المصنف.

وفيها تسمية الرياء شركًا. وفيها أن من شروط الإيمان بالله واليوم الآخر أن لا يشرك بعبادة ربه أحدًا. ففيه التصريح بأن الشرك الواقع من المشركين إنما هو في العبادة لا في الربوبية. وفيها الرد على من قال: أولئك يتشفعون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015