يحصل إلا بالله كما قال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ} 1. أرشد تبارك وتعالى إلى الجمع بينهما. وقال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 2. قال الإمام أحمد: ذكر الله الصبر في تسعين موضعًا وقال النبي صلى الله عليه وسلم "والصبر ضياء" 3. رواه أحمد ومسلم.
وقال عليه السلام: "ما أُعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر" 4. رواه البخاري ومسلم. وفي حديث آخر "الصبر نصف الإيمان" 5. رواه أبو نعيم والبيهقي في الشعب. وقال عمر: "وجدنا خير عيشنا بالصبر". رواه البخاري [معلّقاً قبل: 6470] . وقال علي بن أبي طالب: "ألا إن الصبر من الإيمان بمنْزلة الرأس من الجسد فإذا قطع الرأس بان الجسد، ثم رفع صوته فقال: ألا لا إيمان لمن لا صبر له". والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة.
واشتقاقه من صبر: إذا حبس ومنع، فالصبر حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي والسخط، والجوارح عن لطم الخدود، وشق الجيوب ونحوهما ذكره ابن القيم.
قال: وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} 6.
ش: أول الآية: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 7. أخبر تعالى أن ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في الأنفس إلا بإذن الله، أي: بقدره وأمره كما قال في الآية الأخرى: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} 8. "قال ابن عباس في قوله: إلا بإذن الله: إلا بأمر الله". يعني: من قدره ومشيئته ومن يؤمن بالله يهد قلبه، أي: ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله جازاه الله تعالى بهداية قلبه التي هي أصل كل سعادة وخير في الدنيا والآخرة. وقد يخلف