يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} 1. إذا تبين ذلك فحاصل كلام المفسرين على الآية المترجم

لها أن قوله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} 2. توبيخ وتعنيف للمشركين بأنهم يعبدون مع الله تعالى عبادًا لا تخلق شيئًا وليس فيها ما تستحق به العبادة من الخلق والرزق والنصر، لأنفسهم أو لمن عبدهم وهم مع ذلك مخلوقون محدثون ولهم خالق خلقهم، وإن خرج الكلام مخرج الاستفهام، فالمراد به ما ذكرناه. وقوله: {وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُم يَنْصُرُونَ} 3. أي: ويشركون به، ويعبدون من هذه حاله لا يستطيع نصر عابديه ولا نصر نفسه بأن يدفع عن نفسه من أراد به الضر، ومن هذه حاله فهو في غاية العجز، فكيف يكون إلهًا معبودًا؟! وجميع الأنبياء والملائكة والصالحين وغيرهم داخلون في هذه الأوصاف، فلا يقدر أحد منهم أن يخلق شيئًا ولا يستطيعون لمن عبدهم نصرًا، ولا ينصرون أنفسهم، وإذا كان كذلك بطلت دعوتهم من دون الله.

قال: وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ... } 4.

ش: حاصل كلام المفسرين كابن كثير وغيره أنه تعالى يخبر عن حال المدعوين من دونه من الملائكة والأنبياء والأصنام وغيرها بما يدل على عجزهم وضعفهم، وأنهم قد انتفت عنهم الشروط التي لا بد أن تكون في المدعو وهي الملك، وسماع الدعاء، والقدرة على استجابته، فمتى عدم شرط بطل أن يكون مدعوًا، فكيف إذا عدمت كلها، فنفى عنهم الملك بقوله: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} .قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وعطاء، والحسن، وقتادة: القطمير: اللفافة التي تكون على نواة التمر، أي: ولا {يَمْلِكُونَ} من السموات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015