قوله: (فإن هم أطاعوك لذلك) ، أي: شهدوا وانقادوا لذلك.

قوله: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات) ، فيه أن الصلاة ـ بعد التوحيد والإقرار بالرسالة ـ أعظم الواجبات وأحبها، واستُدِلَ به على أن الكفار غير مخاطبين بالفروع؛ حيث دعاهم أولًا إلى التوحيد فقط، ثم دعوا إلى العمل ورتب ذلك عليها بالفاء، وأيضًا فإن قوله: "فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم"، يفهم منه أنهم لو لم يطيعوا لم يجب عليهم شيء.

قال النووي: وهذا الاستدلال ضعيف، فإن المراد أعلمهم بأنهم مطالبون بالصلوات وغيرها في الدنيا، والمطالبة في الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام، ولا يلزم من ذلك أن لا يكونوا مخاطبين بها، ويزاد في عذابهم بسببها في الآخرة، قال: ثم اعلم أن المختار أنّ الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور به والمنهي عنه، هذا قول المحققين والأكثرين.

قلت: ويدل عليه قوله تعالى: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} 1 الآيات.

وفيه دليل على أن الوتر ليس بفرض إذ لو كان فرضًا لكان صلاة سادسة لا سيما وهذا في آخر الأمر.

قوله: "فإن هم أطاعوك" لذلك، أي: آمنوا بأن الله افترضها عليهم وفعلوها.

قوله: "فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم"، فيه دليل على أن الزكاة أوجب الأركان بعد الصلاة، وأنها تؤخذ من الأغنياء، وتصرف إلى الفقراء، وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم الفقراء بالذكر ـ مع أنها تدفع إلى المجاهد والعامل ونحوهما وإن كانوا أغنياء ـ؛ لأن الفقراء - والله أعلم - هم أكثر من تدفع إليهم، أو لأن حقهم آكد. وفيه أن الإمام هو الذي يتولى قبض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015