فقد روى الشيخان في "صحيحهما" عن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: أن رفعَ الصوتِ بالذكرِ حينَ ينصرفُ الناسُ من المكتوبةِ كانَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعتُه (?).

ويحتمل أن يكونَ المرادُ بالذكرِ ذكراً مخصوصاً، وهو الصلاةُ، وهذا المعنى هو الظاهرُ من سياقِ الخطاب (?).

ويدلُّ عليه قولُه تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 103].

وما رُوي عن ابنِ مسعود -رضي الله تعالى عنه-: أنه رأى الناسَ يَضِجُّونَ في المسجد، فقال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: أليس اللهُ تعالى يقول: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]، فقال: إنما تعني هذه الآيةُ الصلاةَ المكتوبةَ، إن لم تستطعْ قائماً فقاعداً، فإن لم تستطعْ فعلى جنبك (?).

فبين اللهُ سبحانه فيها حُكْمَ أصحابِ الضرورةِ القائمةِ بهم بعدَ بيانِ حكمِ أصحابِ المشقةِ من أولي السفرِ والقتال، وذو الضرورة أولى بالجوازِ منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015