أصل الرَّضاع، ثم يلحق به سائرُ المحرمات بالنسبِ، وهو خلاف الظاهر الذي لا يُعْمَدُ (?) إليه إلا بدليل.
فقال بالأول قومٌ منهم ابنُ عمر، وابنُ الزبير، وابنُ المسيّب، وإبراهيمُ، وأبو سلمةَ بنُ عبد الرحمن؛ لما قررتُه من الظاهر، ولأن المعنى المُحَرِّمَ للأمِّ هو نباتُ لحمِه وانتشارُ عظمِه بِلبِانها مفقودٌ في الفحل.
وذهبَ كثيرٌ من أهلِ العلم إلى إثباتِ الحُرمةِ بين الفحلِ والرضيعِ، وبه قالَ الأئمةُ الأربعةُ (?)؛ لما أخرجه الشيخان من حديث عائشةَ: أنه جاءَ أَفْلَحُ أخو أبي القُعَيْسِ يستأذنُ عليها بعدما نزلَ الحِجابُ، وكانَ أبو القُعَيْسِ أبا عائِشَةَ منَ الرضاعةِ، قالت عائشة: فقلت: واللهِ لا آذنُ لأفلحَ حتى أستأذنَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن أبَا القُعَيْسِ ليسَ هو أَرْضَعَني، ولكنْ أرضعَتْني امرأتهُ، قالت عائشةُ: فلمّا دخلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: يا رسول الله! إن أفلحَ أخا أبي القعيس جاءني يستأذن عليَّ، فكرهتُ أن آذنَ لهُ حتى أستأذنكَ، قالت: فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ائذَنِي لَهُ" (?).