* فإن قيل: مفهومُ هذا الخطابِ يدلُّ على أنه يجوزُ الخُلْعُ قبل الإفضاءِ (?)، وقبلَ الدخولِ، على قول الشافعي (?)، وقبلَ الخَلْوةِ بها، على قولِ أبي حنيفةَ (?) ومالكٍ (?)؛ لأن الله سبحانه عَيَّرهم بالإفضاء، فدلَّ على أنه إذا لم يفضِ بعضهم إلى بعض، يجوزُ لهم الأخذ ممَّا آتوهم، وإن لم يأتوا بفاحشة مُبَيِّنَةٍ.

فالجوابُ: أنه لا مفهومَ له؛ لأن الله سبحانه قصد بذكره تنفيرهم بما يستقبحونه في نفوسهم، ويسترذلونه في عقولهم من قبحِ العهدِ ورذيلة الخلق، ولم يقصد به التعليل بالإفضاء من بعضهم إلى بعض، وعلى تقدير أنه يفهم ذلك، فلا دلالةَ له؛ لقوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229]، فإنها حاصرةٌ مقيدةٌ بجميع الحالات والصفات.

* فإن قيل: فقوله تعالى في الآية الأولى: {لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} هل التقييد ببعضِ ما آتاهُنَّ الأزواجُ للتخصيص، فلا يجوزُ الافتداءُ إلا ببعضِ المهرِ، أولا، فيجوزُ بكلِّ المَهْر؟

فالجوابُ: أن ظاهره للتخصيص، وبه قال الشعبيُّ، ويجوز أن يكونَ لغيرِ التخصيص، ولكنه جرى على الغالب في الوجود، فإن المرأةَ لا تختلع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015