فإن قلتم: فما الدليلُ (?) على أن هذه في المزوَّجات؟
قلت: إيجابُه فيها ما يجبُ للزوجةِ من النفقةِ والكسْوَةِ؛ كما قال اللهُ تعالى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5]، وقولِه تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 233]، فأباح الاسترضاع للآباءِ مُطْلَقًا، ولم يبحه في آيةِ الطلاق إلا عند التَّعاسرِ.
وقد اشتملتْ هذه الآيةُ على جُمَلٍ من الأحكام:
الجملة الأولى: قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَدَهُنَّ} [البقرة: 233]، فأوجب الله سبحانه على الوالدات أنْ يُرضعْنَ أولادهُنَّ، فورد الوجوب مصادمًا لهنّ.
- فمنهم من أَخَذ بظاهرِ الخِطاب، فأوجبَ على الوالدةِ المزوَّجَةِ أن ترضعَ للزوجِ ولدَهُ، وهو قول أبي ثور (?)، ومالكٍ في أحدِ قوليه (?)، وأحسبه مذهبَ أبي حنيفة (?)، وكان هذا من جملة منافعِها المستحقة للزوج؛ بدليل أنَّه لم يوجب على الزوج إلا النفقةَ والكُسوةَ التي هي من خصائص الزوجيَّةِ.