فإن قالوا: هذا أمر تعمُّ به البلوى، ولو كان الوليُّ شرطًا في صحة النكاح، لنُقِلَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطريق التواتر، وهو لم ينقل، والأصل عدم الاشتراط حتَّى يقومَ الدليل.
قلنا: اشتراط التواتر في مقام البلوى غير مُسَلَّمٍ، وإن سُلِّم، فالأصل تحريم الأبضاع إلا بشرطها، فلا يجوز الإقدامُ عليها إلا بشرطها، ولو أنكحت امرأة نفَسها بغير وفي، لنقل إلينا إما تواترًا أو آحادًا، ولم ينقل.
نعم نقل إلينا أن امرأةً نكحتْ بغير وليٍّ، فردَّ نكاحَها عُمر -رضي الله تعالى عنه -.
وعن مالك أنَّه بلغه أن ابن المسيِّبِ كان يقول: قال عمرُ بنُ الخَطَّاب: لا تُنْكَحُ (?) المرأةُ إلا بإذن وليِّها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان (?).
فإن قلتم: فهل نجدُ بيانًا في السنَّةِ يعضِدُ ما ذكرتَ؟
قلت: نعم، روينا في "الصحيحين" عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا البكْرُ حتَّى تُسْتأذَنَ" قيل: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: "إذا سكتتْ فهو رضًا (?) " (?).