عرض عليَّ المصحفَ يوماً، وأنا عنده، حتى بلغ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} قال: يا نافع! هل تدري ما أمرُ هذه الآية؟ إنّا كُنَّا -معشرَ قريشٍ- نَجيءُ النساءَ منْ قِبَل أدبارهنّ، فلما دخلنا المدينةَ، ونكحنا نساءَ الأنصارِ، أردنا منهنَّ ما كنا نريدُ من نسائِنا، فإذا هُنَّ قَدْ كَرِهْنَ ذلك، وأَعْظَمْنَهُ، وكان نساءُ الأنصارُ يُؤْتينَ على جُنوبِهِنَّ، فأنزل اللهُ سبحانه: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ} الآية (?).

والقولُ بهذا أيضًا باطلٌ؛ لأنه قد دلَّ الدليل على حَمْل هذا اللفظِ على أحدِ مَعْنَييه، فلا يجوز العُدول عنه (?).

فإن قلتم: فقد ذهبَ الشافعي، والمالكيَّةُ، وجماعةٌ من الأصوليين إلى حمل المشترك على معانيه (?)، بل قال الشافعيُّ: يجب حملُه كالعموم، والعبرةُ بعمومِ اللفظ لا بخصوصِ السببِ.

قلنا: إنما يحمل على معانيه حيث لا قرينةَ تدلُّ على أن المرادَ أحدُهما، والقرينةُ دالةٌ عليه من وجوه:

أحدها: السببُ الذي ذكرناه قرينةً في إرادةِ أحدِ المعنيين وصرفِه عن المعنى الآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015