فقال -جَلَّ جلالُهُ-: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} [النجم: 29].

وقال -جَل جلالُه-: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68].

ولما هدى اللهُ -سبحانَهُ- قوماً من عبادِه، واختارَهُم لدينه، واصطفاهُم لنفسِه، فآمنوا به، واتبعوا النورَ الذي أُنزلَ معه، فتنتهم قريشٌ، وصدُّوهم (?) عن دينِ اللهِ -سُبْحانه-، وعذَّبوهم، وظلموهم، ليرجعوا عن دينِ الله -سُبحانه- حَتَّى كَثُرَ تأذِّي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، فحينئذٍ أَذِنَ اللهُ -تَعالى- لهم في الهجرة، ولَمْ يوجبْها، فقال -جَل جلالُه-: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100]، فهاجر إلى أرضِ الحبشةِ قومٌ، وبقيَ قومٌ فيهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فهاجروا إلى المدينةِ الشريفة -شَرَّفَها اللهُ الكريم-.

ووجبت الهجرةُ على كلِّ مفتونٍ لا يقدرُ على إظهارِ دينهِ.

وسيأتي إنْ شاءَ الله تعالى بيانُ الهجرةِ وأحكامُها في "سورةِ النساءِ" عند قوله -تعالى-: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88].

فلما عَمَّرَ اللهُ الكريمُ طَيْبَةَ بالإيمانِ، وجعلَها دارَ الإسلام، أذِنَ للمؤمنين في القِتال، ولم يفرضْه عليهم، فقالَ -جَلَّ جَلالُهُ-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39].

ولما قويَ المؤمنون، وكَثُرَ عددُهم، واشْتَدَّت شَوكَتُهُم، كتبَ اللهُ عليهمُ القِتالَ، فقال -جَلَّ جلالُه-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]، واستمرَّ فرضُ الجِهاد حتى تَضَعَ الحربُ أوزارها (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015